العدس… كنز غذائي يعود إلى الواجهة

في زمن تتسارع فيه النصائح الغذائية وتتنوع أنماط الحميات، يظل العدس واحداً من أكثر الأطعمة تواضعاً وغنى في الوقت نفسه. هذه الحبوب الصغيرة، التي كانت جزءاً أساسياً من المطبخ التقليدي في معظم الثقافات، تعود اليوم إلى الواجهة كرمز للتغذية المتوازنة والغذاء الذكي.

يُعدّ العدس مصدراً غنياً بالبروتينات النباتية والألياف، مما يجعله بديلاً صحياً للحوم الحمراء، خصوصاً لمن يتبعون نظاماً نباتياً أو يسعون لتقليل استهلاكهم للدهون المشبعة. كما يحتوي على مجموعة واسعة من الفيتامينات والمعادن الأساسية، مثل الحديد، الفولات، المغنيسيوم، والزنك، وهي عناصر تسهم في تعزيز المناعة وتكوين خلايا الدم وتحسين وظائف الأعصاب والعضلات.

تؤكد الدراسات الحديثة أن تناول العدس بانتظام يمكن أن يساعد في خفض مستويات الكوليسترول الضار وتحسين التحكم في سكر الدم بفضل محتواه العالي من الألياف القابلة للذوبان. كما تشير أبحاث أخرى إلى دوره المحتمل في الوقاية من أمراض القلب وتعزيز صحة الجهاز الهضمي. ومع ذلك، ينصح الأطباء بإدخاله تدريجياً في النظام الغذائي لتفادي الانتفاخات أو الاضطرابات الهضمية التي قد تظهر في البداية.

في المطبخ، يتميز العدس بمرونته وقدرته على التكيف مع مختلف الثقافات والوصفات. فهو يمكن أن يتحول إلى شوربة دافئة غنية بالنكهات، أو سلطة خفيفة ومنعشة، أو حتى إلى طبق رئيسي متكامل مثل “المجدّرة” في المشرق العربي أو حساء العدس الإيطالي الشهير. هذه التنوعات تجعل منه طعاماً لا يملّ، يجمع بين البساطة والفائدة.

ومع عودة الاهتمام العالمي بالتغذية المستدامة، يجد العدس مكانه الطبيعي في هذا التوجه الجديد: فهو اقتصادي في الزراعة، قليل التأثير على البيئة، وغني بالعناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم.

بهذه الخصائص مجتمعة، لم يعد العدس مجرّد مكوّن تقليدي في المطبخ، بل نموذج غذائي متكامل يجمع بين الصحة، والاستدامة، والذوق. وربما يكون هذا ما جعل العلماء يصفونه اليوم بأنه “الغذاء الصغير ذو الأثر الكبير”.

فاطمة الزهراء عاشور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد